¤ نص الاستشارة:
أنا شاب مقدم على الزواج أمي مطلقة وأسكن مع زوجة أبي وإخوتي، زوجة أبي وأخواني لأب مصرون على إنهم هم الذين يريدون أن يزوجني ويختارون لي شريكة العمر، وكذلك من جانب آخر أمي وأخوالي وخالاتي يريدون هم الذين يزوجوني مع العلم أنهم غير متواصلين منذ حصل الطلاق فأنا محتار بين إخواني وأخوالي..!
* الــــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن صعب المواقف أن ينحصر إختيار المرء بين أمرين أحلاهما مر، فالمرارة في كل واحد منهما تذهب الحلاوة، أو تضعفها فلا يحس المرء بها، لكن من المؤكد أن يوجد في أحدهما حلاوة أكثر من الآخر تكون مؤثرة في إختيار القرار الصحيح.
وفي حالتك أيها السائل يمكن وضع مجموعة من الأمور يكون لها أثر في إختيار القرار الصحيح:
أولا: الزواج جعله الله سكنًا، والسكن يعني الإستقرار والراحة والاطمئنان، وهذا يستلزم وجود التوافق بين الرجل والمرأة، ولا يعني ذلك إنعدام المشاكل، فالمشاكل والإختلافات في الغالب لابد أن توجد، لكن لا تعدو أن تكون مرتبطة بمواقف وأحداث معينة تزول بزوالها، لكن الأصل أن يكون الرجل مستقرًا في حياته مع امرأته، وكذا المرأة، وهذا الإستقرار والسكن إنما يكون بناء على الإختيار الصحيح، والإنسان إنما يطلب المرأة التي توافقه ويرتاح إليها، لأنه هو الذي سيعيش معها، لا يطلب المرأة التي تريدها أمه، أو أبوه، أو إخوانه، أو أخواله.
فهذه المرحلة الأولى في الإختيار، وهي أن تلاحظ أنك أنت من سيعيش معها الدهر كله، لا أحد غيرك.
ثانيًا: من السكن والإستقرار أن يكون بين الزوجة وأهل الزوج نوع من التفاهم والتواد والتوافق، لأن الرجل لا ينفصل عن أهله، بل هو جزء منهم، والمرأة تدخل معه في هذه المنظومة، فتكون جزءًا من أهله، ولهذا لابد من ملاحظة قبول الأهل للزوجة وأهلها، ومجتمعها.
ثالثًا: قل أن يوجد توافق دائم ومستمر بين أعمام الزوج وأخواله، فلا بد أن يوجد بعض الفروق والإختلاف في الإهتمامات، لكن لا تأثير لذلك حين تكون هذه الإختلافات في دائرة ما يمكن تحمله من الطرف الآخر، وأنه لا يشكل أي عائق أمام التواصل والتواد.
ولكن حين يكون الإختلاف كبيرًا، وشرخ الخلاف واسعًا، فإن الزوج يحرص على من يكون أقرب هذين الفريقين إليه، فإن كان قربه من أعمامه وأهل أبيه أكثر كان إختياره من جهتهم أكثر، وإلا فالعكس.
رابعًا: الإختيار الموفق للزوجة من قبل الأهل هو المبني على ملاحظة مصلحة الزوج، وما يحتاج إليه، وينحرف الإختيار عن مساره الصحيح حين يكون هم أهل الزوج إغاظة طرف من الأطراف، أو إظهار التسلط وأن الابن تابع لهم، لا يخرج عن رأيهم، فإنهم في هذه الحالة يغضون الطرف عن بعض العيوب التي تؤثر على الحياة الزوجية رغبة في تحقيق ما تمليه عليه رغبتهم في إغاظة الطرف الآخر.
خامسًا: ليس من الواجب على طالب الزواج أن يطيع طرفًا من الأطراف في إختيار الزوجة، بل هذا أمر راجع إليه، ولا يوجد ما يدل على وجوب طاعة أحد في ذلك، حتى لو كان الآمر أبًا أو أمًا، وهذا هو الصحيح في هذه المسألة.
سادسًا: حين يغضب طرف من الأطراف على الزوج لأنه لم يوافقه في الإختيار، ولم يتزوج من الجهة التي يريد هو، ويبني على الغضب قطيعة الرحم، فإن الإثم لا يكون على الزوج، وإنما الإثم عليهم، لأنه لا يحق لهم أن يقطعوا الرحم بناء على هذا السبب، الذي لا يوجد ما يدل على وجوب مراعاته والعمل به.
ويجب على الزوج أن يصلهم بما يستطيع، حتى وإن أساؤوا إليه وقاطعوه، ويكون كما في الحديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له أن له قرابة يصلهم، ويقطعونه، ويحسن إليهم ويسيئون إليه، ويحلم عنهم، ويجهلون عليه، فقال له صلى الله عليه وسلم: «إن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
وبناء على ما سبق فإن إختيار الزوجة يجب أن يمر بكل هذه المراحل من التفكير.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
المصدر: موقع رسالة الإسلام.